أشارت التقديرات إلى أن برنامج ويندوز فيستا - أحد نماذج البرامج الأقل شعبية في تاريخ شركة مايكروسوفت - كان يُستخدم على 19 في المائة فقط من أجهزة الكمبيوتر، في الوقت الذي جاء فيه الإصدار التالي من نظام التشغيل ليحل محلّه في عام 2009.
على هذا المقياس، فإن "ويندوز 8" سيُذكر في التاريخ على أنه فشل أكبر بكثير.
16 في المائة فقط من أجهزة الكمبيوتر تستخدم البرنامج الذي كانت تعتبره شركة مايكروسوفت، ضرورياً للحاق بركب أجهزة الشاشات التي تعمل باللمس من شركتي أبل وجوجل.
هذا يجعل إطلاق "ويندوز 10" اليوم بمثابة لحظة حاسمة بالنسبة لواحدة من العلامات التجارية للتكنولوجيا المعروفة في العالم، ومُنتج لطالما كان مرادفا لهوية شركة مايكروسوفت.
يقول جيه بي جوندار، المحلل في شركة فورستر للأبحاث "يبدو أنهم يتعثّرون مع كل جيل آخر. برنامج ويندوز 10 هو أمر أساسي بالنسبة لمايكروسوفت".
الخبر السار، بالنسبة للشركة ومساهميها، هو أن البرنامج الجديد يتمتع بموجة قوية من الدعم حتى قبل إطلاقه.
يقول ستيف كلينهانز، المحلل في شركة جارتنر، "إن سلسلة من الاختبارات المفتوحة جعلت كثيرا من المستخدمين في الشركات، الذين يُعتبرون من الزبائن الأكثر أهمية بالنسبة لشركة مايكروسوف، يشعرون بمشاعر "إيجابية بقوة" بشأن التحديث".
يعتبر البرنامج الجديد تراجُعاً عن المظهر الجديد الجذري لبرنامج ويندوز 8، الذي أثار نفور كثير من المستخدمين. وهو يمزج بين ما هو مألوف بشكل مريح - مثل اختصارات لوحة المفاتيح التي تُعتبر أفعالا آلية بدون تفكير بالنسبة لمستخدمي الويندوز المتشددين - وبين مزايا مأخوذة من "ويندوز 8" مُصمّمة ليتم تفعيلها فقط عندما تُستخدَم على الهواتف الخلوية أو الأجهزة اللوحية.
البرنامج الجديد لديه كثير من المجالات المفقودة التي يجب عليه التعويض عنها. شحنات أجهزة الكمبيوتر، بمقدار متوقّع يبلغ 290 مليون جهاز هذا العام، من المتوقع أن تكون أقل بنسبة 20 في المائة من ذروة عام 2011. رمزياً، العدد الإجمالي من الهواتف الخلوية، والأجهزة اللوحية وأجهزة الماك التي باعتها شركة أبل هو في سبيله إلى تجاوز ذلك.
إن إبطاء تآكل أجهزة الكمبيوتر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لموارد "مايكروسوفت" المالية، حتى مع قيام ساتيا ناديلا بالسعي لإبعاد نظام التشغيل عن مكانه المركزي في استراتيجية الشركة.
لا تزال برامج الويندوز تشكل نحو 15 مليار دولار من الإيرادات في العام المالي الذي انتهى للتو، أي ما يُعادل 17 في المائة من الإيرادات، وما يُقدّر بربع أو أكثر من الأرباح التشغيلية.
كما تحتاج شركة مايكروسوفت أيضاً إلى إعطائها انطلاقة نحو حوسبة الشاشات التي تعمل باللمس. القيام بهذا الانتقال هو أمر ضروري للفوز بجمهور رئيسي من المؤيدين: مطوّرو البرمجيات الذين تدفّقوا إلى شركتي جوجل وأبل، مُهدّدون بحرمان ويندوز من الأهمية في عالم التكنولوجيا التي كانت له.
كما لا يُساعد أيضاً أن إطلاق برنامج الويندوز 10 - المُصمّم ليعمل على الهواتف الذكية فضلاً عن الأجهزة اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر ووحدة ألعاب إكس بوكس – قد جاء بعد اعتراف شركة مايكروسوفت بفشل استراتيجيتها للهواتف الذكية. ناديلا، الذي تولّى منصبه في بداية عام 2014، شطب كامل قيمة عملية الاستحواذ على أجهزة نوكيا العام الماضي، ووضع أهدافا أضيق للمنتجات في المستقبل.
وتأمل "مايكروسوفت" أن تتجاوز هذا الفشل عن طريق استدراج المطوّرين إلى برامج الويندوز، مع الوعد بجمهور جديد كبير الذي يبدأ على أجهزة الكمبيوتر لديه القدرة للتوسّع عبر كثير من الأجهزة. للقيام بذلك، شركة مايكروسوفت ستوحد نظام التشغيل لتجعل من المُمكن خلق "تطبيقات عالمية" جديدة تعمل على أي نوع من الأجهزة التي تستخدم برامج الويندوز.
يقول جروندر "إن التطبيقات العالمية هي استراتيجية الهاتف الخلوي الجديدة. إنها المنصة الوحيدة التي يُمكن أن تعمل على جميع الأجهزة؛ شركة أبل لا تستطيع القيام بذلك، وشركة جوجل لا تستطيع القيام بذلك أيضاً".
كما تحاول "مايكروسوفت" أيضاً استغلال نجاح أنظمة تشغيل الهواتف الذكية للمنافسين، مع أدوات تطوير جديدة مُصمّمة لتجعل من الأسهل جعل تطبيقات نظام الأندرويد والـ iOS تتكيّف لتعمل على برنامج ويندوز.
يقول كلينهانز "إن مثل هذه الخطوات تلعب دوراً في نقاط القوة التقليدية في شركة مايكروسوفت باعتبارها صانعة أدوات التطوير، على الرغم من أن الجمهور المُستهدف لا يزال حذراً بشأن مدى سهولة التكنولوجيا الجديدة للاستخدام". يُضيف أن المطوّرين "يحبون هذه الفكرة، لكنهم مُتشكّكون قليلاً فقط".
جزء من تحدّي شركة مايكروسوفت، كما يقول مسؤول تنفيذي سابق في الشركة، سيكون إقناع المطوّرين للاستثمار أكثر في صُنع التطبيقات عندما يكون بإمكانهم الوصول إلى معظم مستخدمي "مايكروسوفت"، من خلال أحد برامج التصفح.
"هناك خطـــــر أن المــــــطوّرين سيقولـــــــون "حــســنـاً، مـــــوقعــــي الإلكتروني هو جيد بما فيه الكفاية على ويندوز". نتيجة لذلك، يقول هذا الشخص إن "مايكروسوفت"، مثل "جوجل" في وضع أضعف في الوقت الذي تحاول فيه أن تتحدى من أجل تحقيق مكانة رائدة في عالم التطبيقات. "كلاهما يحارب شركة أبل على مضمار شركة أبل". للتغلّب على عوامل التردّد المذكورة، تعتمد شركة مايكروسوفت على العدد الضخم. حيث إن التحديثات لبرنامج الويندوز 10 ستكون مجانية للمستخدمين الحاليين، تأمل أن تكسب بسرعة عددا كبيرا من المستهلكين الأتباع. كما قامت أيضاً بوضع هدف يبلغ مليار مستخدم في غضون ثلاثة أعوام - نحو خمسة أضعاف جمهور برنامج ويندوز 8.
التحديث المجاني لن يقضم مبالغ كبيرة من إيرادات برنامج ويندوز، حيث لا تزال شركة مايكروسوفت تستوفي رسوماً سنوية من معظم الشركات، وشركات صناعة أجهزة الكمبيوتر التي تحمّل البرنامج على الآلات الجديدة ستستمر في الدفع، مع أن المنافسة من شركة جوجل قد أدّت إلى قدر من إعادة التفاوض في الأسعار. في العالم الاستهلاكي، الخسارة المتوقعة من مبيعات البرنامج أجبرت شركة مايكروسوفت على البحث عن أشكال جديدة من الإيرادات، خاصة من الاشتراكات المُنتظمة لبرنامج أوفيس 365 والإعلان من محرك بحث بينج.
ربط الخدمات بشكل أكثر إحكاماً مع تجربة استخدام جهاز كمبيوتر هي استراتيجية كانت مرتبطة في البداية مع برنامج الويندوز 8 - على الرغم من أنه هذه المرة، تأمل "مايكروسوفت" أنها قد تعلّمت من تجربتها. ما الجديد هذه المرة؟ - أربعة أشياء يجب الحذر منها مع برنامج الويندوز 10.