بينما كانت الأمم المتحدة تصيغ بياناتها ليلة امس الجمعة التي تشدد على احترام جميع الاطراف للهدنة الإنسانية كان المسلحون الحوثيون يشدون أحزمتهم ناحية جبهات القتال معززين بترسانة أسلحة ومقاتلين كثيرين.
وبطبيعة الحال فإن الرأي العام لم يكن متفائلاً بنجاح الهدنة، ففضلاً عن التهديدات التي اطلقها زعيم الحوثيين قبيل الهدنة بساعات ، وتصريحات الناطق باسم التحالف احمد عسيري حول الخروقات ، كان الشارع قد فقد الأمل بضمير المتحاربين وقدرة الامم المتحدة وجديتها في تنفيذ هدنة حقيقية.
وبعد 30 دقيقة من إعلان الهدنة هزت انفجارات عنيفة محافظات صنعاء وعدن وتعز، وقالت المقاومة الشعبية إن الحوثيين خرقوا الهدنة بتحركاتهم المسلحة.
وكان من المفترض أن تستمر هذه الهدنة لمدة أسبوع لتوصيل المساعدات الإنسانية لنحو 21 مليون يمني بحاجة إليها.
وقال الدكتور محمد القاضي في تدوينة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "كما توقعت ، الهدنة لم تصمد حتى ساعة... كان على الامم المتحدة? ان لا تعلن عن هدنة، وهي لا تمتلك الضمانات الحقيقية و أدوات الرقابة لتنفيذ وقف إطلاق النار على ارض الواقع ، و بدء عملية الاغاثة."
ويشن التحالف الذي تقوده السعودية غارات على جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران منذ أواخر مارس سعيا لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة.
وفي عدن وهي واحدة من أكثر المناطق المنكوبة في الحرب قال شهود إن قوات الحوثيين أطلقت قذائف مورتر وصواريخ كاتيوشا على مقاتلي المعارضة المتمركزين في المناطق الشمالية وحول المطار الدولي للمدينة.
لكن محمد المقالح القيادي في الحركة الحوثية وعضو ما يسمى "اللجنة الثورية العليا" كان له رأي آخر حيث قال على صفحته بموقع فيسبوك بعد نصف ساعة من الهدنة إن " الطائرات السعودية إخترقت اجواء العاصمة صنعاء في خرق فاضح للهدنة!"
وأضاف" كان يمكن للسعودية ان تخرق الهدنة في مكان نائي كما عملت وتعمل الان او حيث يوجد مواجهات حتى تستطيع ان تتعذر بأنها فقط ردت على اختراقات الهدنة من قبلنا(الحوثيين) ،لكنها ويا أبت الا ان تخرق الهدنة في صنعاء حيث لايوجد قتال وحيث يراها كل العالم بانها المبادرة وبصفاقة لخرق الهدنة المزعومة"
ويسيطر الحوثيون على معظم اليمن بما في ذلك صنعاء وتعز.
وتعيش اليمن وضع انساني بالغ الخطورة وتناقل السكان المحليون في عدن انباء تفيد عن وفاة شخصين من اصل صومالي بسبب الجوع والحصار.
وأدت الغارات الجوية والقتال الذي بدأ قبل نحو ثلاثة اشهر إلى سقوط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل منذ ذلك الوقت.
وشهد صباح اليوم السبت خروقات للهدنة، حيث هاجم المسلحين الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح مواقع يتمركز فيها الجيش الموالي للشرعية والمقاومة الشعبية بمحافظتي تعز ومأرب، في وقت قصفت طائرات التحالف مواقع للحوثيين في المحافظتين.
وبحسب المصادر فقد شن الحوثيين هجمات على مواقع المقاومة بتعز في جبهات جبل جرة والضباب والحصب ووادي جديد.
كما واصلت أسلحة الحوثيين الثقيلة قصف الأحياء السكنية الآهلة بالسكان، وسط أنباء عن وجود ضحايا مدنيين.
ورداً على تلك الهجمات وذلك القصف، تقول المصادر إن طائرات التحالف نفذت عدة غارات على مواقع الحوثيين في المدينة.
وقال الصحفي زكريا الكمالي المقيم في مدينة تعز إن "الهدنة الثانية انهارت بشكل مخيف واسرع من الهدنة الأولى، في الهدنة الأولى غاب الطيران وحضرت دبابات الحوثيين في تعز وعدن والضالع ،وفي الثانية حضرت الطائرات والقذائف والرصاص و...".
واتهم الكمالي الامم المتحدة بالكذب على اليمنيين وقال إنها اعلنت هدنة وليس في يدها أي ضمانات.
وقال الكمالي إن عدن وتعز هي المحك لأي هدنة . ومالم يتوقف الحوثيين وقوات صالح عن قصف الاحياء والتوغل في مناطق جديدة ، لن تكون الهدنة سوى ترانزيت جديدة لجولة حرب عنيفة.
وفي محافظة مأرب شرقي اليمن، قال مصدر في المقاومة الشعبية إن الاشتباكات استمرت صباح اليوم السبت جراء هجوم الحوثيين على مواقع المقاومة في جبهتي المخدره وجفينه غرب المدينة.
وقال المصدر أن ثمان غارات شنها طيران التحالف اليوم استهدفت معسكرات ومواقع يسيطر عليها الحوثيون والموالون لصالح.
حيث قصفت الطائرات معسكر العرقوب بمديرية خولان، المحاذي لمحافظة مأرب بأربع غارات، كما استهدفت موقع الوتدة العسكري على حدود (مأرب - صنعاء) بأربع أخريات.
وكان العميد أحمد عسيري، الناطق الرسمي لقوات التحالف، قال في تصريح صحفي مساء أمس بأن استمرار الهدنة مرتبط باستمرار التزام الحوثيين بوقف إطلاق النار.
وقوبلت الهدنة، التي تعد الثانية منذ بدء العملية العسكرية لدول التحالف في الـ26 من مارس الماضي، بترحيب كبير من قبل المنظمات الإنسانية، وسط تخوفات من استمرار الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح في قصف المدن التي يخوضون حروباً شرسة فيها.