الرئيسية > اخبار وتقارير > تعز: القمامة سلاح كارثي تستخدمه المليشيا بتواطؤ السلطات المحلية لتركيع المقاومة

تعز: القمامة سلاح كارثي تستخدمه المليشيا بتواطؤ السلطات المحلية لتركيع المقاومة

تعز: القمامة سلاح كارثي تستخدمه المليشيا بتواطؤ السلطات المحلية لتركيع المقاومة

في شارع جمال الذي يقسم مدينة تعز نصفين يجد المارة صعوبة في السير جراء أكوام القمامة المتناثرة هنا وهناك, لكن أمراً آخر يجمع غالبيتهم, حيث تراهم يضعون ما توفر لديهم من ألبسة على أنوفهم جراء قوة الرائحة المنبعثة التي صارت تقطع الانوف ولا تزكمها فقط.
حاول محرر التقرير أخذ رأي أحد المارة بشأن تلك الأكوام المنتنة, إلا أنه بدا غير موافق على ذلك ورد مستفسراً بإستغراب: ما تشم انت هذه الجيفة؟, إلا أن أناس آخرين بينهم أطفال لم يعودوا مهتمين كما يبدو من خلال ممارستهم للعب أو البيع والشراء والتجول والعراك في ذات المكان وكأن لسان حالهم يقول مجبراً أخاك لا بطل.
تعز هي الأكبر كثافة سكانية في اليمن, تحاصرها مليشيا الحوثي وصالح, منذ ابريل الماضي ليس فقط بالدبابات والحشود العسكرية, لكن أيضاً بحرمانها من المشتقات النفطية والكهرباء والماء وأشياء كثيرة أبرزها أكوام القمامة التي تهددها بكارثة صحية وبيئية ولا تشوه شوارعها فقط أو تزكم أنوف المارة والسكان على حد سواء.
ووفق المصادر يمتنع عمال النظافة عن القيام بمهمتهم لأسباب عدة تتعلق بانعدام مادة الديزل لآلات رفع ونقل القمامة الى المقلب في مفرق شرعب وتواطؤ قيادات السلطات في مكتب الأشغال مع المليشيا المعتدية على تعز وعدم القيام بواجباتها الوظيفية, ضمن عملية الحصار الهادفة الى إخضاع تعز وتركيعها والبعض يقول ان الغرض أيضاً تشويه سمعة المقاومة الشعبية من خلال مضاعفة المشكلة في مناطق سيطرتها التي هي ثلثي المدينة, حيث تسيطر المليشيا على المنافذ ومن الصعب نقل القمامة الى المقلب.
خلال زيارتنا الى حي المسبح الذي يعد حياً راقياً في مدينة تعز نوعاً ما, كانت أغلب شوارعه تغلقها أكوام القمامة كنموذج لشوارع مدينة أعلنت قبل عامين رسيا كعاصمة للثقافة في اليمن, ويوصف احد سكان الحي, فارس الشجاع, الوضع بتلقائية تتدثر بحسرة: نعيش الموت مرات عدة جراء القذائف التي تهطل على بيوتنا من دبابات ومدفعية ورشاشات المليشيا المعتدية.
ويواصل حديثه: وكذا نعيش الموت مراراً جراء معايشتنا لاكوام القمامة المكدسة والمعفنة جوار بيوتنا, ويشير فارس الى "انتشار الاوبئة والامراض بشكل كبير لدى سكان الحي", ويستدرك متهما السلطة المحلية في تعز باللامبالاة تجاه المواطنين: من ابريل الماضي الى الان لم نلحظ أي سيارة نظافة تجوب الحي؟, الكل صامت والاوضاع في تدهور دائم.
ويقول احد وجاهات حي المسبح, سالم عبده, ان كثيرا من الامراض انتشرت بين السكان بشكل كبير, ويضيف متحسراً: من سلم القصف لم يسلم من المرض, ويطالب من وصفهم "كل من له ضمير حي" ان يسعوا جاهدين لانقاذ تعز وفك الحصار عنها وفي المقدمة إزالة أكوام القمامة من شوارعها واحياءها.
ويرى رئيس مؤسسة التوعية والاعلام الصحي, محمد طاهر ان أبرز التداعيات السلبية للانتشار الواسع للقمامة في شوارع وأحياء مدينة تعز تتجلى في تكاثر البكتريا الضارة وتلوث الهواء وظهور العديد من الامراض والاوبئة الخطيرة المؤثرة على صحة الانسان.
ويشير طاهر إلى ان الخطورة بإصابة سكان المدينة المعرضين لهذه النفايات بالملاريا وحمى الضنك نتيجة انتشار الذباب والبعوض وتكاثر البكتريا وخصوصاً بعوض الانوفيليس التي تسبب الملاريا، ويضيف ان: انتشار العدوى سيكون على مساحة واسعة مع توقف معظم المستشفيات والمختبرات جراء الحصار العسكري والاقتصادي المفروض على المدينة لأكثر من شهرين .
ويوضح ان المظاهر الخطرة لتكدس القمامة وعمليات حرقها من قبل المواطنين الذين يتأذون من رائحتها النتنة تسببها اللاحق بأمراض معدية ونتائج سامة للغازات المؤثرة على المصابين بالربو واضطرابات الجهاز التنفسي وعرقلة نقل الاكسجين الى الدماغ وارتفاع نسبة إصابات الصدر والأنف وأمراض القلب مع تصاعد الدخان وتلوث الهواء .
ويؤكد رئيس مؤسسة التوعية والاعلام الصحي في حديثه لـ(المكتب الاعلامي للمقاومة بتعز) ان ما تعانيه المدينة من تكدس لأطنان القمامة وتوقف قطاع البلدية عن العمل هو نتيجة لمصادرة الموازنة التشغيلية والوقود، فإن عملية إحراقها على مستوى الشوارع والاحياء يزيد حدة المعاناة وقابلية الاصابة بالأوبئة، خصوصاً مع تصاعد الدخان المحمل بعدة مواد سامة تؤثر على بشكل مباشر على صحة الانسان .
ويختتم طاهر حديثه بالمطالبة بضرورة دعم المبادرات الرامية للتخلص وإزالة أكوام القمامة التي تشكل بيئة ملائمة لانتشار الاوبئة والامراض المعدية وبالأخص لدى الاطفال والمصابين بالأمراض التنفسية.
ما يجعل معاناة تعز تتضاعف بشكل كارثي هو انها تعاني سنوياً من الملاريا وحمى الضنك خاصة في موسم الأمطار, فيما تفتقد هذا العام حتى للمستشفيات والخدمات الطبية التي بالإمكان ان تقدم العلاج للمرضى وليس فقط غياب اسلحة الوقاية منه.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)