الرئيسية > اخبار وتقارير > مدينة الحب والجمال تتحول إلى مدينة منكوبة بعد ثلاثة أشهر من إعلان الحوثيين للتعبئة العامة

مدينة الحب والجمال تتحول إلى مدينة منكوبة بعد ثلاثة أشهر من إعلان الحوثيين للتعبئة العامة

مدينة الحب والجمال تتحول إلى مدينة منكوبة بعد ثلاثة أشهر من إعلان الحوثيين للتعبئة العامة

لم ترمي الصحفية العدنية ذكرى العراسي فردة حذائها في وجه رئيس وفد مليشيات الحوثي في جنيف اعتباطا ، فالمليشيات منذ أن وضعت قدمها في مدينة عدن مطلع العام الحالي قد حولت أجمل مدن اليمن إلى مدينة منكوبة بحسب تقارير المنظمات العالمية والحكومة اليمنية.
فبعد تمكن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من الفرار إلى مدينة عدن وإعلان جماعة الحوثي في 21 مارس بدأ حربها ضد المناطق التي أعلنت ولائها للرئيس ، والوضع كل يوم في تدهور مريب ينذر بتحول درة الساحل الجنوبي لليمن إلى مدينة أشباح تحتضن الموت وتفترس كل حياة تدب عليها.

وقد أعلنت لجنة الأغاثة المشكلة آواخر أبريل الماضي برئاسة نائب رئيس الجمهورية خالد بحاح مدينة عدن منكوبة بعد 36 يوما فقط منذ بدأ الحوثيين بإعلان حالة الحرب والنفير والتعبئة العامة ضد المدن اليمنية . وقد أعلنت لجنة الإغاثة حينها أن مستشفى عدن الجمهوري تحاصره ميليشيات الحوثي وأتباعهم، وأن الفريق الطبي للصليب الأحمر غادر المستشفى، وتم إجلاء المرضى خوفا على سلامتهم.

وفي بداية الشهر الجاري عاودت حكومة هادي بإطلاق ندائات الإستغاثة لإنقاذ مدينة عدن وقال وزير النقل اليمني بدر محمد باسلمة، إن عدن باتت مدينة منكوبة لا تصلها مساعدات إنسانية كافية؛ بسبب الحصار المفروض عليها من المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في الوقت الذي تم إدخال 29 مليون طن مساعدات و11 ألف طن من النفط للبلاد.


حمى الضنك تقتل بالمئات

بعد إجتياح المليشيات الحوثية المسنودة بقوات المخلوع مدينة عدن باتت المدينة تحت حصار خانك وانعدام شبه تام لكل الخدمات الأساسية والصحية . الحرب الشرسة التي تفرضها قوات الإنقلاب ضد أبناء المدينة إلى جانب أنها قد قتلت المئات بسبب القصف العشوائي ، فهي كذلك قد خلقت بيئة خطرة لإنتشار الأمراض المعدية في ظل تدهور الخدمات الصحية وتضرر منشئات البنية التحتية من كهرباء ومياه وصرف صحي إلى جانب عجز بلدية المدينة من القيام بواجبها برفع أكوام القمامة التي تكدست في أغلب شوارع وأحياء الكثير من المديريات . كما أن إنعدام المواد الغذائية والمياة الصالحة للشرب بسبب الحصار قد خلق الأسباب المناسبة لتكاثر وانتشار الأمراض المعدية وسط السكان مثل حمى "الدانغ" الضنك.

وقال مدير مكتب الصحة بعدن يوم الخميس الماضي ان عدد الحالات المسجلة والمصابة بداء حمى الضنك بلغت 5000 ألف حالة مؤكدا ان الأوضاع الصحية في المدينة باتت تنذر بخطر داهم يفوق ضحايا أعمال القتال والقصف مالم يتحرك العالم على وجه السرعة. وقال د الخضر لصور في حديث نشره موقع صحيفة "عدن الغد" يوم الخميس الماضي 18 يونيو 2015 : ان انتشار الوباء القاتل لأمراض حمى الضنك والملاريا في عدن بات ينتشر بشكل جنوني وبالذات في مدينة كريتر والتواهي . وقال ان عدد الوفيات بحمى الضنك تجاوز أكثر من 150 حالة بسبب الوباء وأكثر من 5 ألف حالة تم استقبالها مصابة بالأمراض الوبائية خلال فترة الحرب .

كما قال استشاري علم الوبائيات ومنسق مكافحة حمى الضنك في عدن صالح سعيد الدوبحي، اليوم الأحد ،  إن عدد ضحايا الإصابة بحمى الضنك المسجلة في المدينة ارتفع نهاية الأسبوع الجاري . ورجح أن تكون أعداد الإصابات والوفيات غير المسجلة في مناطق المواجهات أكبر مما هو معلن، موضحا في تصريح له نشره موقع الجزيرة نت ،أن هناك حالات كثيرة توفيت في بيوتها بسبب المرض دون أن تتلقى العلاج المناسب وذلك لعدم تمكنهم من الوصول إلى المستشفيات بسبب القتال.

وقد أعلن فريق الصليب الأحمر الدولي الموجود في مناطق الصراع في اليمن أن مدن كريتر والمعلا وخورمكسر والتواهي بمحافظة عدن جنوبي البلاد مناطق موبوءة بعد هذه الإحصائيات المريبة حول إنتشار حمى الضنك.


مخاوف من إنتشار الإيبولا والكوليرا

ويري المدير الفني في مستشفى البريهي بعدن الدكتور رفيق البيشي أن من الطبيعي أن تحدث هذه الكارثة نظرا لغياب الخدمات الصحية التي عادة ما تقدم للمدنيين خلال الحروب والتي غابت في عدن على مدى ثلاثة الأشهر الماضية، فضلاً عن عجز منظمات الإغاثة عن القيام بواجبها حتى الآن.
وبحسب تصريح له نشره موقع الجزيرة نت اليوم الأحد ، إن تفشي حمى الضنك في المدينة بهذا الشكل المرعب يمكن أن يصاحبه تفش لأمراض أخرى مثل الملاريا والكوليرا وربما يصل الأمر إلى مرض إيبولا، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

كما نقل الناشط عمر سعيد والذي يعمل ضمن حملة طبية شبابية في عدن صورة للمعاناة التي تعيشها مديرية كريتر أحدى المديريات المنكوبة .  "ففي حالة الإصابة بـ حمى أو وباء لا تستطيع عمل فحص للتأكد إلا بعد مرور أسبوع كامل وذلك نتيجة للضغط على المختبر الوحيد العامل في كريتر.

كما أنه ونتيجة للعب في الأدوية و المتاجرة بها من قبل شلل الفساد والسرقة وبيعها بسعر مرتفع رغم أنّ الأصل مجانية الدواء يفضل الكثيرين البقاء في بيوتهم والموت ودفن ذويهم على استجداء الدواء"، بحسب سعيد.

وأضاف "تحمّلت امرأة المشي على الأقدام من المعلا وحتى كريتر وذلك من أجل نقل ابنها المصاب بطلق ناري لأقرب مجمع طبي .. والسبب انعدام المواصلات تماماً".


نيران الإنقلابيين أجبرت السكان على مغادرة مساكنهم

المدينة الجميلة التي كانت إلى ما قبل إجتياحها من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من قوات صالح أواخر مارس الماضي ، كانت مهوى أفئدة مئات الآلاف من السياح سواء كانت السياحة الداخلية أو الخارجية ، باتت اليوم غريبة حتى من أهلها.
وقد هرب الكثير من سكان المدينة تاركين منازلهم وكل ممتلكاتهم بعد أن أصبحت الأحياء السكنية مستهدفة بشكل يوميا بقصف كثيف من قبل قوات الحوثيين والمخلوع. حيث نزح الكثيرون من المناطق التي تشهد اشتباكات إلى المحافظات المجاورة مثل أبين وحضرموت كما نزح آخرون إلى محافظة إب التي تعد حتى الان بعيدة عن الحروب المشتعلة في كثير من المحافظات اليمنية.
كما نزح آخرون إلى مديرات عدن الأقل خطورة كالنازحين إلى مدينة إنماء السكنية بالقرب من عدن الصغرى، لكنهم يعانون معاناة مؤلمة في ظل الحصار الذي تعيشه المحافظة بشكل كامل ، كما يتم استهداف المدينة بقذائف صاروخية بشكل مستمر.

 

وقالت منظمة الصحة العالمية في تقريها حول محافظة عدن، هناك ما يقرب من 3600 نازح يعيشون في مناطق متفرقة في عدن، مما خلق عبئاً إضافياً على العديد من المناطق الفقيرة بما فيها مديرية البريقة التي ما تزال تستقبل جموع النازحين يومياً. وحالياً، تكتظ سبع مدارس في المديرية بالمئات من النازحين الذين فروا من العنف عبر القوارب أو مشياً على الأقدام.

وأضافت المنظمة "ليس هناك وسائل مواصلات، ولا وقود ولا سيارات إسعاف لإحالة الحالات العاجلة للمستشفى الرئيسي في المديرية، خصوصاً حالات سوء التغذية الحاد الوخيم التي تحتاج لعناية مركزة في مركز التغذية العلاجي. كما نواجه تحديات عديدة في نقل المعدات الطبية للمنطقة، ونعتمد أحياناً على المجهودات الشخصية لسكان المنطقة في نقل هذه الحالات".

كما تشهد الخدمات العامة في عدن شبه انقطاع تام عن كثير من المناطق، كما تفتقر الأسواق إلى السلع الغذائية الرئيسية، في حين تعاني مستشفيات المدينة من نقص حاد في المستلزمات والطواقم الطبية.

وفي التاسع من الشهر الجاري قال رئيس "ائتلاف الإغاثة الشعبية" إن أكثر من ثلاثة مليون نازح من محافظة عدن والمحافظات المجاورة يسكنون المدارس، بمعدل عائلة بالفصل الواحد في المدرسة.

كما وجه مدير مكتب الشؤون الإجتماعية والعمل بحافظة أبين نداء إستغاثة عاجلة للمنظمات الدولية والمحلية قائلا : " أوجه رسالة ونداء إستغاثة عاجلة إلى المنظمات الدولية والمحلية بالإلتفات إلى نازحي عدن - ولحج المتواجدين في مدارس أبين ومد يد العون لهم".

كما يشتكي الأهالي في أماكن النزوح من إنتشار الأمراض في صفوف الأطفال والنساء مثل الإسهال وحمى الضنك وغيرها من الأمراض .

وليست معاناة النازحين في الداخل أقل من معاناة اللاجئين الذين تمكنوا من الهروب من المدينة إلى منطقة القرن الأفريقي وتحديدا في دولتي جيبوتي والصومال المجاورتان لليمن .

ويعاني اللاجئون في جيبوتي أشد معانة حيث تم وضعهم في مخيم "أوبخ" في منطقة صحراوية على شواطئ البحر الأحمر، حيث يلفح القابعون فيه لهيب حرارة الصحراء نهارا، ويطاردهم عواء الذئاب وزمجرة الضباع ليلا.


آلة الحرب والقتل لا تتوقف وما تقوم به يرتقي إلى جرائم حرب

لا تنتهي معاناة أهالي عدن عند حمى الضنك والضياع في أماكن النزوح واللجوء فالمشكلة الأكبر تقع في الحرب التي فُرضت على المدينة واهلها المسالمين . فمليشيات الحوثي والمخلوع التي جائت تحرر أهالي عدن من الدواعش كما يقول إعلامهم لا تتوقف عن قتل أبناء المدينة المسالمين في أماكن عديدة في المحافظة ففي آخر إحصائية غير رسمية نشرها إعلام المقاومة في عدن أن أكثر من 1450 شهيد وما يقارب 9000 جريح قد سقطوا بسبب القصف العشوائي على أحياء المدينة بالكاتيوشا والهاون.
وفي مايو الماضي قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن قوات موالية للحوثيين أطلقت نيراناً مميتة على سيدتين واحتجزت عمال إغاثة كرهائن في مدينة عدن اليمنية. وتشكل جرائم حرب وتدلل على التهديدات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في المدينة المحاصرة.

 

وبينما تستمر جماعة الحوثي بإرسال المجاهدين إلى عدن لتحريرها من التكفيرين يستمر أهالي المدينة في معاناتهم ما بين الموت من الحصار والأوبئة والقصف العشوائي . 

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)