بالنسبة لأسرة عالقة في النزاع الدائر في اليمن، قد يشكل الوقف المؤقت لإطلاق النار فسحة من الزمن لوصول مساعدات الإغاثة الإنسانية، ولكن تبقى الأمراض وسوء التغذية تهديدا حقيقيا - قد يكون اخطر من القنابل والرصاص.
عمان، الأردن/ عدن، اليمن، 20/5/2015 - يقول محمد حسين*، 13 سنة، والذي نجى هو وأسرته من الاقتتال العنيف الذي دار مؤخرا في منطقة صلاح الدين، في البريقة قرب عدن، جنوب اليمن: "أشعر بالحزن، أشعر بالحزن الشديد، فكل شيء حولي آخذ في الانهيار. أسمع والدتي تبكي بأسى في الليل، وأسمع صوت معدتي تتضور جوعا".
![]() |
© UNICEF/NYHQ2015-1292/Yasin |
فتاة تدفع طفلين في عربة مليئة بأوعية الماء، كونهم يبحثون عن الماء في صنعاء، عاصمة اليمن. |
وبالرغم من النزاع وانتشار الأمراض، يبقى نقص الغذاء هو التهديد الأخطر الذي يحيق بالأطفال، حتى أنه أخطر من الرصاص والقنابل. تشير التقارير إلى أن مخزون الغذاء منخفض جدا، وأن الواردات التجارية من الغذاء والوقود بدأت تشح.
ارتفعت أسعار الغذاء والوقود بشكل جنوني، حيث ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 40%، بينما تضاعفت أسعار الوقود خمس مرات. وتعرضت طواقم الإغاثة الإنسانية التي تحمل الإمدادات الضرورية لإنقاذ الأرواح إلى المناطق المتأثرة بالنزاع للهجمات أو التوقيف في عدد من المرات.
تعرف والدة محمد حسين، والمعروفة بأم محمد، وهي أم لثلاثة أطفال، أنهم في معركة مع الزمن، فتقول: "نحن فقراء جدا، والآن أصبحنا نعاني الجوع الدائم بسبب الاقتتال". وتضيف: "قالوا إن الغارات الجوية قصفت مطاحن قمح قبل بضعة أسابيع، وبسبب نقص الوقود، لا تصل الإمدادات الغذائية من المحافظات المجاورة كتعز".
وتقول أم محمد أن المخابز في منطقتها أغلقت أبوابها، وأن المحل الوحيد الذي لا زال يبيع الخبز رفع أسعاره بشكل كبير.
وتضيف: "أصبح الرغيف صغيرا جدا، لا يكفي لإطعام طفل واحد، ولم أقبض تقاعد زوجي الراحل منذ شهر آذار، أصبحنا الآن في شهر أيار".
مواجهة التحدي
يعتمد البقاء بالنسبة لمحمد الآن على المال الذي تجنيه والدته من بيع الأطعمة التي تحضرها في المنزل. ولكن باب الرزق هذا هش بقدر هشاشة الكهرباء التي يعتمدون عليها. وإن لم يسقط على منزلهم صاروخ، أو لم يهطل عليهم الرصاص، فقد يصيبهم مصاب آخر كالإسهال أو سوء التغذية - وكلاهما آخذ بالانتشار بسبب تدهور الخدمات الصحية في المدينة.
![]() |
© UNICEF/NYHQ2015-1297/Hamoud |
أولاد يمسكون بشظايا قذائف مدفعية انفجرت في شارع بالعاصمة صنعاء. وقد أدى الصراع المكثف، منذ أواخر مارس، إلى خسائر في الأرواح حيث توفي أكثر من 1500 شخص، بينهم 115 طفلا، وذلك قبل هدنة 12 مايو. |
يدرك الأطفال الثلاثة أن إبقاؤهم على قيد الحياة هو أعظم تحد واجه أمهم في حياتها.
وبسبب عدم قدرتها على العمل دون وقود، أغلقت مراكز الرعاية الصحية المحلية أبوابها. قبل أن تتصاعد الأزمة في نهاية شهر آذار، كان هناك حوالي 850,000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية. ويرجح مع انهيار نظام الرعاية الصحية أن يرتفع هذا الرقم أكثر.
بالرغم من ذلك كان هناك بعض الأخبار الطيبة لمحمد وأسرته، فبعد سبعة أسابيع من الاقتتال الحاد، وافقت أطراف النزاع على هدنة تستمر لخمسة أيام للسماح بمساعدات الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى المجتمعات المحتاجة. حيث مكنت "الهدنة الإنسانية" التي بدأت مساء 12 أيار، مرور الإمدادات الضرورية للمستشفيات، والمراكز الصحية والمجتمعات المحلية في مختلف أرجاء البلاد، بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال المعرضين للخطر والمصابين.
تقول أم محمد: "أنا وأطفالي نشعر بالقلق، فالله وحده يعلم إلى متى نستطيع التحمل، فقدنا كل شيء إلا كرامتنا".
* تم تغيير الأسماء