فرغت القوى السياسية اليمنية من جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في الخامس والعشرين من شهر يناير من العام الماضي 2014 . وبعد أكثر من 10 أشهر خاضتها القوى السياسية في الحوار في فندق موفنبيك في العاصمة صنعاء خرج الحوار بالعديد من المخرجات كان أهمها تحول البلاد إلى النظام الفدرالي بستة أقاليم. ومنذ ما قبل الحوار تطلع اليمنيون كثيرا للخروج ببلدهم إلى بر الأمان الذي طالما حلموا به وقد رأى اليمنيون في مؤتمر الحوار الشامل سفينة النجاة والنور الذي أشرق في النفق المظلم وعلقوا عليه الكثير من الآمال.
وبعد 5 أشهر ونصف من انتهاء جلسات مؤتمر الحوار الوطني وبينما اليمنيون ينتظرون تطبيق مخرجاته وتحديدا في 8 يوليو 2014 قامت مليشيات الحوثي بإسقاط مدينة عمران بعد حصار شديد فرضته المليشيات على المدينة ومحاصرة اللواء 310 ومقتل قائده حميد القشيبي. مع سقوط اللواء 310 وسقوط مدينة عمران أنفرط عقد الجمهورية في اليمن فسقطت صنعاء العاصمة وتلاها سقوط العديد من المحافظات في اليمن بيد المليشيات.
ومع بداية العام 2015 انهت لجنة صياغة الدستور في مؤتمر الحوار مهامها. وعندما قامت اللجنة بتسليم المسودة إلى الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قامت جماعة الحوثي بإختطاف مدير مكتب رئيس الجمهورية عقب ذلك سيطرت الجماعة على دار الرئاسة وما تبقى من سلطات بيد الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي وبقاء الأخير لمدة شهر في العاصمة تحت الإقامة الجبرية قبل أن يتمكن من الهرب إلى عدن في 21 فبراير 2015.
وبعد شهر وفي 21 مارس أعلنت قيادة المليشيات المدعومة من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح التعبئة العامة واعلان الحرب ضد ما تبقى من مدن ومناطق ترفض الإنصياع لحكم المليشيات بحجة ملاحقة الدواعش. هذا التصرف دفع الرئيس هادي للهرب مجددا لكن هذه المرة كان الهروب إلى خارج اليمن وتحديدا إلى المملكة العربية السعودية حيث قامت الأخيرة بشن غارات جوية على المواقع العسكرية المتمردة على شرعية الرئيس هادي منذ ليلة 26 مارس الماضي .
كل هذه الأحداث المتسارعة منذ يوليو 2014 حتى اليوم قد قوضت تماما مؤتمر الحوار الوطني الشامل مع كل مخرجاته. فقد محت مليشيات الحوثي وقوات صالح حلم اليمنيين بالإستقرار كما دفعت الكثير من الساسة باللحاق بالرئيس هادي إلى الرياض والبدأ بجولة جديدة من الحوار تحت يافطة "مؤتمر انقاذ اليمن في الرياض" واختصارا "مؤتمر الرياض".
الفروق بين المؤتمرين
جاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في صنعاء بعد عامين من اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 وفقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية ليضع جميع الفرقاء على طاولة حوار واحدة من أجل الخروج بحلول لعدة قضايا كانت عالقة منذ سنين .
كانت أهم القضايا التي وضعت على طاولة مؤتمر الحوار الوطني هي قضيتي صعدة والجنوب وقضية الدستور واسس بناء الأمن والجيش "الهيكلة".
أما مؤتمر الرياض فقد جاء بعد أن انهارت العملية السياسية في اليمن وأنهارت معها كل الإتفاقات ونتائج الحوارات السابقة كما هو معروف. فقد رفضت جماعة الحوثي نتائج الحوار ورفضت معها الجلوس في طاولة الحوار من أجل معرفة ما استجد من مطالبها ومحاولة تلبيتها.
وأعتبرت مسودة الدستور الجديد متعارضة مع إتفاق "السلم والشراكة" الذي وقعته الجماعة مع القوى السياسية بعد إجتياحها صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
أما فيما يخص مؤتمر الرياض وفقا لمسودته فتتصدر مناهضة الانقلاب والتأكيد على الشرعية مسودة جدول أعمال المؤتمر الذي سيعقد تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، برعاية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وتشير المسودة إلى بحث كيفية عودة الشرعية إلى اليمن لممارسة كل مهامها وصلاحياتها، وجدولة كل القضايا اليمنية.
وتتضمن مسودة موضوعات المؤتمر التأكيد على مساندة «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، وعلى ضرورة أن تتوج العمليتان «بانتصار»، لأنهما جاءتا بقرار «حكيم وشجاع» من دول التحالف بقيادة السعودية، «الأمر الذي سينتج عنه فتح آفاق أخرى للتنمية، وحتى يعم الأمن والاستقرار في اليمن». كذلك شملت إشارة إلى ملف المعتقلين اليمنيين لدى الحوثيين سواء العسكريين أو المدنيين، وطرق حل لمشكلاتهم. وأيضا التأكيد على الإسراع والتنسيق في تحقيق برنامج إغاثي إنساني عاجل يستوعب كل الاحتياجات الإنسانية للمدنيين، الذين يتعرضون لانتهاكات من قبل المتمردين الحوثيين، بحسب جريدة "الشرق الأوسط".
وفيما استند مؤتمر الحوار الوطني الشامل على المبادرة الخليجية يستند مؤتمر الرياض على المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 وما قبله، وشرعية الرئيس اليمني.
الحضور والتمثيل
بعكس مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد في صنعاء سيعقد هذا المؤتمر والذي سيبدأ يوم غدا الأحد 17-5-2015 في قصر المؤتمرات في العاصمة السعودية الرياض حيث يستمر لمدة ثلاثة أيام.
وفيما تكون مؤتمر حوار "موفنبيك" من 565 عضوا توزعوا على كافة القوى السياسية الفاعلة في المجتمع اليمني بما في ذلك جماعة الحوثي والحراك الجنوبي وفئة الشباب فقد تكون مؤتمر الرياض بحسب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر عبدالعزيز جباري من 401 شخصية سياسية حيث يمثلون بحسب جباري كل أطياف الشعب اليمني، بما فيها الحراك الجنوبي وحزب «المؤتمر»، كما ستمثل المقاومة الشعبية بشكل رمزي. يشار إلى أن مؤتمر الرياض لن يشمل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ولا جماعة الحوثي أو أي ممثلين عنهم.
التوقعات والنتائج
كانت مخرجات الحوار اليمني الوطني الشامل خَلُصت إلى إعادة هيكلة البرلمان ومجلس الشورى، لتكون مناصفة بين الشماليين والجنوبيين. وفي حل قضية صعدة دعت الوثيقة لحظر وجود مليشيات مسلحة، وتسليم الأسلحة للدولة وبسط نفوذها في كافة اليمن، وتضمن نقاط ونصوص ومحددات للدستور القادم وأتفق أعضاء الحوار على أن تكون اليمن دولة إتحادية من 6 أقاليم. وبعد فترة من التوقيع على وثيقة الحوار، كانت لجنة صياغة الدستور التي تشكلت من مؤتمر الحوار قد أنهت مسودة للدستور الجديد.
هذا ويُتوقع أن يخرج مؤتمر الرياض بقرارات تدعم الشرعية ضد الإنقلاب الذي تقوده جماعة الحوثي المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح حيث قال اليوم السبت ، عبد العزيز الجباري، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، خلال انعقاد مؤتمر صحافي للهيئة الاستشارية لمؤتمر «إنقاذ اليمن» بمقر السفارة اليمنية في العاصمة السعودية الرياض «المؤتمر يهدف إلى التوصل لقرارات وليس للحوار، وأن ما سيتم في الرياض هو إعلان مشروع مشترك ملزم لكل الأطراف الموجودة في المؤتمر»، مشيرا إلى أن الهدف هو استعادة الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار، والمرجعية تتبلور في المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن، والمجتمع الدولي ملزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن اليمن رقم 2216 الصادر تحت البند السابع.
وأشار جباري إلى أن مؤتمر الرياض سيأكد على نظام الستة أقاليم وتطبيق مسودة الدستور حيث قال في المؤتمر الصحفي اليوم " نطمح ان تتحول اليمن من دولة بسيطة الى دولة مركبة ، دولة اتحادية وعدد اقاليمها 6 اقاليم ، وقال هناك مشروع الدستور الذي تم صياغته في طريقة للإقرار والذي حدد فيه صلاحيات المراكز والولايات والاقليم وتم صياغته بمشاركة كل القوى السياسية."
وقال "نريد بعد مؤتمر الرياض ان تتحول مخرجات الحوار الوطني إلى ارض الواقع ليحقق كل ماتم اقراراه في الدستور بما فيها عدد الاقاليم ،وحق في انتخاب الشعب من يمثلهم ، وحق الشراكة في السلطة والثروة".
فيما قال ياسين مكاوي رئيس الهيئة الإستشارية لمؤتمر الرياض سيتمخض عن هذا المؤتمر اعلان_الرياض والذي سيؤكد على "التمسك بالشرعية الدستورية ورفض الإنقلاب عليها ،وعدم التعامل مع مايسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته، وإعادة الاسلحة والمعدات العسكرية الى الدولة وعودة بسط هيبة الدولة على كافة المناطق".
يذكر أن مؤتمر الحوار الذي سيبدأ يوم غدا في الرياض سيعقبه مؤتمر لاحق تحت اسم "الرياض 2" . وبحسب مسودة مؤتمر انقاذ اليمن فأن «مؤتمر الرياض 2» يأتي من أجل متابعة تطبيق القرارات المنتظر اتخاذها في «الرياض 1».
- جباري وياسين في المؤتمر الصحفي اليوم في مقر السفارة اليمنية في الرياض
مؤتمر الرياض يمهد لمؤتمر جنيف
فيما أكد جباري أنه ليس هناك مؤتمر جنيف، حيث قال نحن نتحدث عن مؤتمر الرياض، من يطالب بمؤتمر "جنيف" يظل ذلك في إطار المطالبة ، أكدت مصادر حزبية متطابقة بحسب "العربي الجديد" أن انعقاد حوار يمني - يمني في جنيف، كان أحد أبرز الموضوعات التي ناقشها ولد الشيخ أحمد أثناء زيادته لصنعاء، والذي تواصل أيضاً مع بحاح. وهو كلام أشار إليه أيضاً حزب المؤتمر الشعبي، الذي يتزعمه صالح، إذ أكد عبر موقعه الرسمي على الإنترنت، أن "الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عارف عوض الزوكا ومعه قيادات المؤتمر، التقوا بوكيل الأمين العام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وناقش اللقاء التحضيرات الجارية لمؤتمر الحوار اليمني اليمني في جنيف برعاية الأمم المتحدة والترتيبات اللازمة لذلك".
وصدرت الإشارة الأوضح بحسب العربي الجديد على التوجه نحو تحويل مؤتمر الرياض إلى لقاء يمهد لحوار يمني أشمل قد يعقد في جنيف، عن الأمم المتحدة، بعدما أعلن استيفان دوغريك، المتحدث الرسمي باسم أمينها العام بان كي مون، أن الأخير أجرى محادثة هاتفية مع نائب الرئيس اليمني، خالد محفوظ بحاح، يوم الخميس، أبلغه فيها عزمه الدعوة إلى عقد مؤتمر لأطراف الأزمة اليمنية "في دولة ثالثة" غير السعودية واليمن. ورداً على سؤال بخصوص ماهية "الدولة الثالثة" التي قد يعقد فيها اجتماع الحوار اليمني، قال دوغريك "في الواقع إن جنيف احتضنت مراراً جولات من المفاوضات متعددة الأطراف، لكن عندما نكون مستعدين للإعلان عن اسم مكان انعقاد المؤتمر، فسوف نخبركم به في الحال".