ينشغل المغاربة بمصير الطيار ياسين البحتي قائد طائرة الـ«اف ـ 16» التي سقطت في اليمن أثناء مشاركة طائرات مغربية في هجمات على منطقة صعدة القريبة من الحدود مع العربية السعودية وتعددت التحاليل والتقارير حول كيفية سقوط الطائرة ومصير ربانها بينما تدعو عائلته إلى عدم نشر صوره احترما لمشاعرها.
وأكد بلاغ لمصلحة الصحافة في المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية «أن التحقق من سيل الأخبار المنشورة على إثر فقدان طائرة مقاتلة في اليمن من طراز «اف ـ 16»، تابعة للقوات المسلحة الملكية، وتأكيد أن الأمر يتعلق بالطائرة وبالربان المفقودين، يبقى صعبا «بالنظر إلى كون موقع التحطم يوجد في منطقة معادية».
وأوضح البلاغ أنه «على إثر البلاغ الصحافي الصادر يوم 10 أيار/مايو 2015، والمتعلق بفقدان طائرة مقاتلة في اليمن من طراز «اف ـ 16» تابعة للقوات المسلحة الملكية، تجدر الإشارة إلى أن العديد من الصور واللقطات التي تناقلتها بعض المواقع الإلكترونية، وتم تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، قد تكون لحطام طائرة الـ «اف ـ 16» التي تحطمت، أو لأجزاء من مقصورة القيادة، أو لجثة ربان طائرة».
وأبرزت المفتشية ضمن تواصلها المكتوب، أن «التحقق من هذا السيل من الأخبار، وتأكيد أن الأمر يتعلق بالطائرة وبالربان المفقودين، يبقى صعبا بالنظر إلى كون موقع التحطم يوجد في منطقة معادية».
وقالت تقارير صحافية بوجود جثمان الربان ياسين البحتي لدى تنظيم جماعة أنصار الله (جماعة الحوثيين) اليمنية في منطقة صعدة ونقل عن مصدر عاد للتو من شمال اليمن بأن الحوثيين في صعدة «عبروا عن استعدادهم لتسليم جثة الطيار المغربي الذي سقطت طائرته الـ»16F» إلا أنهم لا يعرفون لمن!»
وقال موقع الأيام 24 المغربي ان المصدر المغربي الجنسية العامل في الأمم المتحدة أفاد ان القوات السعودية تحاصر اليمن من كل الجهات جوا وبرا وبحرا، وبالتالي لا مجال لأي تعامل في الإطار الإنساني، مؤكدا أن الحوثيين لا مانع لديهم لتسليم جثة الطيار المغربي بحتي ياسين ولكن شريطة أن يكون هذا التسليم لجهة محايدة.
وكشف المصدر إن طائرة «اف ـ 16» المغربية لم يسقطها المقاتلون الحوثيون، لأن الأسلحة المضادة للطائرات التي يتوفرون عليها لا يتجاوز مداها 20 ألف قدم، فيما تحلق الـ«اف ـ 16» عادة على علو 35 ألف قدم، وبالتالي فإن فرضية سقوط الطائرة المقاتلة المغربية بسبب عطب تقني مرجحة جدا، خصوصا أن الطيار ياسين لم يستطع أن يفتح مظلة النجاة.
وحسب صور نشرها مقاتلون حوثيون، فإن جثة الطيار المغربي قد تحولت إلى أشلاء نظرا لقوة ارتطام الطائرة بمنطقة هي عبارة عن مرتفعات وعرة.
ونقل عن نور الدين بحتي، والد الطيار المغربي المفقود ان «ضباطا كبارا في الجيش المغربي اتصلوا به، وأكدوا أن سقوط الطائرة كان بسبب عطب تقني أصابها في الوقت الذي كانت تحلق فيه فوق الأراضي اليمنية».
ويعتبر ياسين بحتي، من أصغر ضباط القوات الجوية المغربية، وهو من مواليد سنة 1989 في مدينة الدار البيضاء، وأدى مناسك العمرة قبل أسبوع فقط من تحطم طائرته في اليمن.
ونشر الطيار المغربي المفقود، مجموعة من الصور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يوم 2 أيار/مايو الجاري، وهو يؤدي مناسك العمرة بلباس الإحرام.
وطغى التضامن الانساني مع عائلة الطيار على أغلب الكتابات على المواقع الاجتماعية أو التقارير الصحافية في المغرب وقال والد ياسين انه «ما زال ينتظر اتصالا من الجهات المختصة لمعرفة مصير ابنه المختفي وإنه تم إخباره بأن صعوبة تضاريس المنطقة التي سقطت فيها الطائرة عقدت مهمة البحث» وأضاف «ارحمونا ولا تمزقوا أفئدتنا بصور تقتلنا».
وقالت اليوم 24 انه إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أول أمس الاثنين، ظل سكان حي «السدري» في الدار البيضاء حيث منزل عائلة الطيار، في حالة انتظار الخبر اليقين.. شيوخ وشباب، نساء ورجال، اجتمعوا في لحظة تضامن أمام بيت بسيط في الحي، تحول بين عشية وضحاها إلى عدسة مجمعة لانتباه الرأي العام الوطني والدولي حيث تلوح من بعيد مشاهد الحزن التي خيمت على الحي، الذي ترعرع فيه ياسين.
وقال نور الدين البحتي «منذ صباح أمس (أول أمس) الاثنين وأنا في تواصل دائم مع عدد من الجنرالات الذين أكدوا لي انه لحدود الساعة مصير ابني غير معروف ولا اعلم لحد الآن ما ان كان ابني توفي أم أسيرا لدى الحوثيين، والخبر الوحيد الذي أكده لي الجنرالات الذين اتصلوا بي وهو ان الطائرة التي كان يقودها لم يتم قصفها، وإنما سقطت بسبب عطب تقني».
ويروي الأب كيف كان ابنه متفوقا في الدراسة، وكيف تم اختياره هو وخمسة من زملائه للالتحاق بالمدرسة العسكرية بعد نيله شهادة البكالوريا سنة 2007، «عشق الطيران منذ صغره، وثابر إلى ان حقق ما أراد، إلى ان جاءت فرصة السفر إلى الإمارات في شهر شباط/ فبراير للقتال في صفوف القوات المغربية المشاركة في الحرب ضد داعش».
وأضاف «كانت أول مهمة رسمية لها خارج التراب الوطني هي الحرب ضد داعش إلى جانب الإمارات، حيت قضى هناك أكثر من شهرين، ثم عاد إلى المغرب في عطلة مدتها 15 يوما وبعد مرور وقت قصير، سافر مجددا إلى السعودية حيث لم يتمم بعد الشهر، للمشاركة في الحرب ضد الحوثيين».
ولا زال أصدقاء وأفراد أسرة الطيار المغربي يتمسكون ببصيص من الأمل في أن يكون على قيد الحياة، رغم تقاطر الأخبار والصور المنتشرة في المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي بشأن مقتله، بعد تحطم طائرته في الأراضي اليمنية ليلة الأحد.
وأورد بعض أصدقاء وأقارب الطيار المغربي آخر ما تم تبادله من أحاديث ودردشات ورسائل هاتفية مع ياسين ذي الـ26 عاما، فيما عمد آخرون إلى إبداع تصاميم لصورته مزينة بالعلم الوطني وتتضمن شعارات من قبيل «أنا الطيار البحتي.. وكلنا الطيار البحتي».
وبث منتدى القوات المسلحة الملكية المغربية على الإنترنت تصميما يدعم روح التآزر مع عائلة الطيار المفقود، يشمل صورة ياسين بزيه العسكري مدونا عليه اسمه العائلي، ويحمل شعار طائرة «اف ـ 16»، ومعها آية قرآنية تقول «وكان حقا علينا نصر المؤمنين»، وعبارة «حب الأوطان من الإيمان».
وامتلأت صفحات فيسبوكية عديدة، خاصة التي أصحابها تربطهم علاقات صداقة أو قرابة عائلية مع الطيار الشاب، بتصاميم تعلن الحزن على ياسين، فيما يغلب طابع الأمل على تعليقات أصدقائه في أن يكون الطيار لا يزال حيا يرزق في الأراضي اليمنية، ما دام ليس هناك خبر يقين يؤكد مقتله.
وتوقف الصفحات الإلكترونية عند كتابات «الناشطين الشيعة المغاربة» المناهضة لمشاركة المغرب في الحرب على اليمن وكتب الناشط المغربي ذو التوجه الشيعي رضا الموساوي على صفحته في «فيسبوك» «ما إذا كان الطيار المغربي ينتظر ورودا من المقاومة اليمنية… أن الدماء المغربية تم تقديمها مجانا من أجل أمراء السعودية».
ونشر صورا لمقاتلات جوية سعودية، قال إنها وقعت بيد مقاتلي جماعة «أنصار الله» في اليمن، وقال أن «صورايخ سعودية فتاكة أصبحت بقبضة انصار الله اليمنيين..» و»دماء أطفال اليمن ستنتصر مهما علا المتجبرون في الأرض».
وقالت صفحة «شيعة المغرب الأقصى»، المحسوبة على نشطاء مغاربة إن «قتل طيار جريمة لا تغتفر وقتل شعب بأسره مسألة فيها نظر!» وربطت بين الطائرات المغربية التي سخرت قبل أشهر لإنقاذ مواطنين من فيضانات الجنوب والطائرات المقاتلة المشاركة في الحرب على الحوثيين، «أثناء الفياضانات الأخيره كانت الطائرات في خدمة السياح، وخلّيتُو وْلاَد الشَّعب حْمْلهم الواد.. تباكوا على «اف ـ 16» ولا داعي لذكر الطيار.. باراكة من النفاق!» ونشرت صورا لحطامها مرفقة بتعاليق منتقدة لانخراط القيادة العسكرية في الرباط ضمن حرب تستهدف المسلمين ببلاد بعيدة عن الموقع الجغرافي للمغرب.
وقال رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بأن سقوط طائرة الـ«اف ـ 16» المغربية فوق اليمن لن يغير شيئا في مشاركة المغرب في الحلف الذي تقوده السعودية.
وأكد محمد بن حمو أن هذه الحادثة تدخل ضمن الاحتمالات التي تدخل ضمن أي عملية عسكرية، كما انها لن تغير شيئا في استراتيجيته وخطته، ان «أي حرب ستكون لها خسائر لكن ذلك يقتضي الحد منها ونوعيتها».
وتساءل رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، عن الأسباب التي كانت وراء هذا السقوط، «بالرغم من هذه المقاتلة ذات جودة عالية»، وبناء على ذلك يجب أن يحدد المغرب استراتيجيته القتالية هناك اذ بعد التعرف على أسباب هذا السقوط، سيتم تحديد ردة الفعل من الجانب المغربي، يؤكد المصدر ذاته، مشددا على أن هذه الخسارة لن تغير شيئا.
وأكد محمد بن حمو حول ما إذا كان المغرب سيقوم بما قامت به الأردن، بعد إسقاط طائرتها في سوريا، وإعدام الطيار معاذ الكساسبة بطريقة بشعة على يد تنظيم الدولة الاسلامية أن الحالة المغربية في اليمن تختلف من حيث الطبيعة والأهداف، حيث أن التدخل العسكري الذي قام به جاء بعد دعوة من الحلف العربي ضد جماعة الحوثي، في ما كان الأردن، قد دخل في حرب ضد التنظيم.
![](images/printer.png)
هل يؤثر سقوط الطائرة المغربية على مشاركتها في التحالف ,,,, وكيف انشغل المغاربة بالحادثة ومصير الطيار
![هل يؤثر سقوط الطائرة المغربية على مشاركتها في التحالف ,,,, وكيف انشغل المغاربة بالحادثة ومصير الطيار](user_images/news//data/res/News/f3d085be-b42e-469c-95c5-2bb91552816d.jpg)
(مندب برس - متابعات)